تلك هي حكايتي مع الطائر الأسود





قصة بدور العبيدي 


قصة قصيرة : استوحيتها من مطالعتي المفرطة للتلفاز ، القنوات الأخبارية ، الأعلانات الانتخابية ، ودفتر اليوميات الذي ادون به حالات خاصة ومشتته لكل يومٍ عابر ، حافل مابين الصالح والطالح واللاشيء على الاطلاق
الحكاية تبداً وبأختصار على النحو الأتي
 
سألني أحدهم وابدى شديد استغرابه عندما قرأ عن طريق الخطأ احدى النصوص التي لم اكتمل من كتابتها بعد ... وقال:
"بدور!! ماهذا الجنون؟ وهو يقلب في دفتر ملاحظاتي ( الزرق ورق )!! فسألته عن أي جنون تقصد؟ ما الخطب؟
ثم اجابني بأستغرابٍ اكثر... وتسأل عن صفحة من المسودات والتي استوقفته كثيراً لأنني كررت فيها عبارات نوعاً ما مثيرة للاشمئزاز .... منها على سبيل المثال ،
ذليلٌ خانع .... يسيل لُعابه على جثث ابرياء الوطن ... كالقواد...( مبادئه تكمن في زيارة موقع الحدث .. يخرج الى العلن وبرفتهِ فريق من المصفحات والحمايات وبعض المرتزقة الذين اوهموه بأنه محبوب الجماهير.. الذي سيحقق أحلام شعبه التائه! ما أجمل تصريحاته الفكاهية .. وخاصةً حينما ينتهي من نهجهِ الثوري الهزيل ، استأذن الرعية بالتقاط بعض الصور مع ضحايا ومشردين على طريقة السيلفي!.. نعم عن دعارة رجل سياسي أحدثكم كان يوماً ما يُعرف بالحافي.. أسود جداً من الداخل ، فلا يوجد أي عتب عن تصرفاته الهوجاء لأنه يمثل شريحة المتشرذمين  داخل كل مجتمع تحكمه قوانين الغابة الشرعية ).
 حسنا، ان كان المشهد أعلاه مستفز نوعاً ما فما بالكم بالمشهد الثاني يا ترى والذي لا يقل حجم قباحته عن الأول بشيء؟!
 الى متى سيستمر هذا المشهد المقزز؟ ما هو المشهد المقزز يا ترى؟ 
الكلاب. 
نعم الكلاب المسعورة يا سادتي الافاضل ( محاكاة لقبيلة متكونه من الرجال فقط )،
أني لأرى كلاباً تقطع بتلك الاشلاء .... صرخات غير مسموعة... التلفاز اعمى ...الصحافة مجرد كلام على ورق......
كلنا مظلومون.....
عراقيون....
كلنا..
كلكم..
جميعكم مظلومون.. بؤساء ..عشاق للدراما .. وأولكم أنا المعتوهة التي تكتب لكم ولكني على دارية مسبقة من أمري بأنني اغني خارج السرب!!
امريكان يصفقون لي..
عراقي يشتمني .. ويصفني باقذر الصفات..
عاشت الغيرة العراقية""
فقلت له يا صديقي وما العجب في ذلك؟؟ّ!! هل اثارت حفيظتك بعض الكلمات والاوصاف في تلك الصفحة؟ ماذا عن باقي الصفحات يا ترى؟ انصحك بعدم التكملة.. فالباقي مشهد اغتصاب لرجل عراقي مشلول ...فاقد الذاكرة.!!
وطفلة تشردت في أزقة مدينة لا يعترف بها سوى الكلاب السائبة.
من طفلة الى مومس... شمطاء!!!
وهذا الشاب الطموح.. الذي تخرج من الجامعة...... المسكين الذي واعد حبيبته بالزواج ولكنه راح ضحية تفجير ارهابي مصنوع من ايدي الذئاب البشرية ، الممسوخين من قيم الانسانية..... فبدلاً من ان يزف هو وعروسه ... خذلها ، وزف الى الله ورحل بعيداً بعيداً جداً... 
بقت تلك الحبيبة في صراع دائم... بين الخوف والعزلة. ( ماتت ... جسد بلا روح ) تتنفس فقط كيف؟ الله أعلم!!
وهناك صفحات اخرى لو تمعنت بها جيداً صديقي ( المؤدب ) : سترى ان الدم هو سيد الموقف.
دم الشرف ... دم العار.. دم المناسبات الوطنية.
دم الغدر والخيانة..
دم الحروب
دم الشهداء
دم من لا دم له على الأطلاق.. صبغة حمراء خرجت من محاور جسده
حينها قام بانكي مون الأخرق وأعرب عن قلقهِ الشديد جراء هذا اللون الأحمر
!!
..... ارجوك يا صديقي لا تكف عن التقليب ..... تصفح ما دونت جيداً.... وكفاك تهكماً وتقليل من شأن عقليتي التي وعت على هذا العالم ووجدت للدنيا اثناء الحرب.. كبرت وترعرت ضمن احداث حربٍ أخرى!
صورة بسيطة عن ماساي تحدث يومياً.. وفي كل ساعة وفي كل لحظة بحق شعب] مكمم الافواه والأعين!! أستغرب كثيراً كيف اصدقائي وصديقاتي الأعزاء ومن احبهم لازالوا يقتالون كالمحاربين ....... يصارعون الموت اليومي من أجل البقاء.
لذى لا تستغرب من كتاباتي... لأنها لا شيء ( لديك مشاهد مثيرة للجدل... والاشمئزاز ... والقيئ.. والكثير الكثير ...... ارجو ان تسلط الضوء على بذاءة المشهد هناك .. ولو شعرت بأن البلاد بدأت تمتثل للتشافي ،، حينها فقط يمكنك فرض الممنوعات وحظر التجوال على كلماتي ومصطلحاتي النابيه الخجولة)!!!
وهذا اعترافٌ اخر مني لكم:
بأنني امتعض ... واشعر بالغضب الشديد.... عندما يطلق جميعكم هذا الطائر الاسود بالغراب!!
ويكرهه البعض بل الاغلبية العظمى... لماذا يا ترى؟
طائر حزين... ارحموه
لقد طفحت الارض بحقدكم الاعمى على كل شيء!
نحن البشر ......في هذا الزمن الحيواني ، الشهواني بأمتياز ... بدأت تتلاشى ادميتنا شيئاً فشيء...
صدقوني دون اي مبالغة..... عندما ارى كيف يتناحر البشر فيما بينهم ..... يلعبون ادوار الحيوانات في غابة اسمها وطن
كلابٌ لا تكف عن العواء
واسودٌ بات الخراف سيدها
ولبوة عاهرة
ومُهرة مشردة
وطائر ابيض .... وهنا طائر اسود..... ونسور ... وذئاب .. ونعاج
يا ترى يا صديقي يا عزيزي يا اخي في الانسانية ماهو دورك في هذه الغابة؟
واستسمحك عذراً بأن لا تُستفز من نعتي اياك بالحيوان
كلنا حيوانات متطورة .... هكذا قال العلم ... لنكن واقعيين.. أرى ان الطبيعة .... والحيوانات تمتاز بأدمية اكثر منا نحن بنو البشر.
فلديكم انا مثلاً ... احياناً اصف نفسي كحمامة بيضاء .ولكن لا بأس من عشقي للطائر الأسود، فهو يمثل جزء كبير من شخصية الانعزالية التي لا ارغب بالتهرب منها أما
لازلتم مستغربون ؟
حالكم حال هذا الصديق الذي أغلق عينيه ولم يتجرأ ان يكمل ما دونته في بقية الصفحات.
وبالمناسبة،
 ( كلكم ... جميعكم ،لديكم هذا الجانب الأسود.... انتم فقط لم تفتشوا عنه ...لازلتم جاري البحث ... أما أنا ، فأكتفيت بقلب المعادلة.... وهذا اعترافٌ مني لكم ... بأن هذا الطير الاسود يمثلني كثيراً. انه جميل للغاية. أنه مسالم للغاية.. انه متغرب في بلدانٍ بعيدة كل البعد عنكم... حاولوا مراعاة ظروفهِ .. انا لم احاول .. انا عشت اجواءه. في مدينتي الكئيبة ..اراه كل صباح ينقر على نافذة غرفة نومي.... لم اتشائم منه يوماً على الاطلاق... ما أجملهُ في كل حالاتهِ ... في كل الفصول... عميق جداً.. ذو معاني شديدة الحساسية!! تصلح بأن يُكتب عنها معلقات وقصائد وقصص ... لا ابالغ على الاطلاق... كونوا واثقين ولا تستغربوا لو كانت حكايات الطائر الاسود أطول من حكايتنا نحن البشر البائسون.. فهو كثير الترحال... حول العالم .. ولكن ماذا عنا نحن القابعين في دائرة الروتين القاتل والقبح اليومي المتجدد.. نعم نحن قبيحون جداً... كفانا كذباً وضحكاً على الذقون نحن قبيحون ... والدليل هذا الشتات الذي نتفاخر بهِ!! ههههههههههه حقاً نحن اضحوكة.. و مدهشين للغاية. 
ربما الى هنا ويجب ان التزم الصمت.. لا داعي من اللوم والندب واللطم على الصدور ... والجهش بكاءاً .... فقط ابتسموا ... أنها الحياة ..حتى لو كنتم تعانون من جوانب مظلمة كثيرة لا بأس .. الم تسمعوا يوماً بأن الجمال وسر ديمومة الحياة يكمنان داخل كل شيء صعب المنال... ومعقد التركيب؟
فأحرصوا بأن تطلقوا الجانب المشرق من الطائر الاسود الذي يقبع داخلكم الى العنان .. لأنه جميل للغاية.. شاتم أم ابيتم انه جميل ..في منتهى الجمال. براءته القابعة في داخل قلبهِ الصغير لن يدركها أحدا مطلقاً الا فيما ندر. من تملك الحس الإنساني وتحرك عنده الضمير لبعضاً من الوقت سيفهم حينئذ ومن دون لحظة تردد او خوف غير مبرر بأنني تكلمت عن داخله الصامت. 
تمت.
 

Comments

Popular posts from this blog

The Rising of the Moon By Lady Gregory: In Summary

The Rough Theatre

The Deadly Theatre