حوار مع النفس ( زوبعة في فنجان )






تلك الأيام... أو دعني اطلق عليها هذه الأيام بل وهذه اللحظات تحديداً ، شربت فنجان قهوتي الثامن فجر هذا اليوم ولم تكن المرة الأولى التي اطيل بها السهر .. أتقلب في فراشي واشعر بوحدتي ، دموعي باتت تأكل وسادتي وذات ليلة اختنقت من البكاء .... وبعدها بيومين فقط، كنت نائمة والكابوس الذي راودني ايقظني من شدة الهلع لم اكن استطع التنفس طبيعياً..

تجولت بين ارجاء البيت ، وبعدها خرجت  ضمن حدود شارعنا كي استنشق بعضاً من هواء الله! مشيت كالمجنونة احدث الله مع نفسي..

اطالع السماء ... اتجول لوحدي عند الساعة السادسة والنصف فجراً .. غرابتي استفزتني كثيراً.. لم أعد اكن بكامل قواي العقلية في ذلك اليوم! انه لشعور مستفز حقاً. بأنك تتطلع في السماء .. تتكلم مع نفسك تبكي ثم تضحك ...لا تعلم ما السبب

وما هو السبب الداعي للضحك والبكاء في أنٍ واحد!!

لستُ بالمتدينة .. لكوني كرهت اصول الدين في هذا العصر البائس.. لكنني مؤمنه جداً. مؤمنه بالأقدار وصانع الاقدار ..ترجيته هذه الأيام ، طلبت منه ان يسمعني .. ثم يسمعني من بعده هذا البعيد الذي اشعر انه مغيب في اجواء عالم اخر يسوده الضجة والكثير من ضوضاء وشغب الاصدقاء الذين يعتبرون أنفسهم شيء مهم بالنسبة له. يُبعدوه عني كالطفل خوفاً عليهِ مني!! نعم فالحمقى كثر لا تستغربوا منهم من تأتمنه على اسرارك ويطعنك خلفك.. ومنهم من يبتسم بوجهك وهو أكبر اعداءك اللدودين ... وما خفي في صدورهم كان أعظم.


متى سيدرك كل ذلك؟ متى سيكف عن ممارسته للاستفزاز المتعمد لي.. اتسأل دون مللٍ أو كلل عن سر كل هذا البرود الذي يتصف به! يُشعرني احياناً بأنني جميلة جداً حسب قرأته الخجولة لي والتي لم اكن امانعها على الاطلاق!! تقربت منه خطوه ابتعد عني خمس خطواتٍ تقربت منه خطوة اخرى فجعل الفراغ بيني وبينه يكبر شيئا فشيء!! بحجة الظروف والارهاق والتعب.. الى متى يجب ان اقدر كل تلك الاعذار والمبررات؟

لما لا افعل مثله تماماً؟ لما اهتم للحرف الواحد الذي يتلفظه او الذي يكتبه لي حينما اخطر على باله في أي ليلة لا على التعيين..

لقد تكررت الحالة عدة مرات .. مع الوانٍ مختلفة ليس لكوني جالسة في غرفة الاستقبال ومحاطة بلوحات والدي المثيرة للغرابة اكثر من غرابة نفسي...هكذا اتسلى ..اصنع لنفسي القهوة واطالع الحظ في فنجاني المثير للاستغراب ، مثير للاستغراب لأنني وببساطة شديدة في كل مرة احتسي في القهوة ، وارغب في قراءة الفنجان ارى رموزاً لحيوانات متعددة.. ارى نفسي واقفة او جالسة في زوايا قد تكون واضحة المعالم وقد تكون رمزية في بعض المرات..

اضحك كثيراً لكثرة الرموز الحيوانية ( الشهوانية بعض الشيء ) في كل مرة اقلب فيها الفنجان لبعض دقائق كي اقرء لنفسي عن ايامي القادمة كيف ستكون يا ترى؟ بأي لونٍ واي شكلٍ وبأي رموز يجب ان اتفائل اكثر من الاخرى ..

دائماً اتصور بأن الأشكال التي تظهر لي في كل مرة على هيئة حيواناتٍ مفترسة او اليفة والاخيرة نادرة نوعاً ما، لكني اشعر فعلياً بأنني داخل حديقة حيوانات لا استطيع الفرار منها بسهولة!!

لن اعتب ولن استغرب ان تعالت اصواتكم ضحكاً وانتقاداً لما اصوره لكم ، قد تظنون بأنني ابالغ ...لكن وعلى العكس تماماً من ذلك .. فانا لم اخترع الذرة مثلاً ولم اكتشف اكتشافاً خطيراً لم يسبق له مثيل.

كل ما في الأمر صارحتكم عن مجموعة أشكال توحي وترمز على انها حيوانات تقوم بالنهش في اقرب فرصة ممكنه..

هؤلاء ببساطه هم البشر.. منهم الأليف ومنهم المفترس..

المشهد الذي اعتبره الاكثر قسوة هو ان تتخيل احدى تلك الرموز المتكررة في فنجان قهوتك يشبهون من هم على ارض الواقع! من دون التطرق الى وصفهم ، سواء كانوا قريبون لنا ام لا...

سواء يهمنا شأنهم أم لا ......

سواء يستحقون ان نكبد انفسنا العناء لذكرهم أم لا...

كل ما في الامر انهم متشابهون في الصفات.. مقارنة بين ما سيعتقده البعض منكم خرافة ويستحيل ان تكون موجودة على ارض الواقع ... لكن لو تمعنتم اكثر .. ولو شربتم الكثير من القهوة المرة .. ولو سهرتم قليلاً ... ولم تستطيعوا الخلود الى النوم لأيامٍ معدودات .. والتفكير بأحدهم معظم الوقت لا يفارق اذهانكم الشارده اليه/اليها ..حينها فقط ستعطوني الحق بأن ابيح بما هو مكتوم في صدري ليس لأيامٍ واسابيع ولياليٍ طوال .. بل لسنوات لم اكف بها في البحث عنه.


تمت.

Comments

Popular posts from this blog

The Rising of the Moon By Lady Gregory: In Summary

The Rough Theatre

The Deadly Theatre